فقوله تعالى: «فَأَوْلى لَهُمْ» هو فاصلة الآية، لتتسق مع فواصل الآيات فى هذه السورة، وهى تعتمد على اللام، والهاء، الميم: «لَهُمْ» أو الهاء والميم:
«هم» أو الميم الساكنة وحدها.. مثل «أَعْمالَهُمْ» .. «بالَهُمْ» .. «أَمْثالَهُمْ» ... ومثل: «تَقْواهُمْ» .. «ذِكْراهُمْ» ومثل «مَثْواكُمْ» ...
وهذا قول لا يستقيم مع إعجاز القرآن، ومع أوضح وجه من وجوه إعجازه، وهو النظم..
فهذا النظم، لكى يكون معجزا، ينبغى أن يعلو على حكم الضرورات، التي تتحكم فى أعمال البشر..
والقول بأن الوقوف بالآية عند قوله تعالى: «فَأَوْلى لَهُمْ» كان لرعاية الفاصلة- هو قول بإخضاع القرآن لحكم الضرورة، وعجزه عن أن يخرج من قيدها..
إنه لا بد أن يكون لهذا سر، بل وأسرار، ليس منها هذا الذي يقال، عن الفاصلة ورعايتها..
فما السر؟ وما بعض السر؟
نقول- والله أعلم-: إن هذا الفصل بين المبتدأ والخبر، مقصور قصدا من القرآن الكريم، وأنه بغير هذا الفصل لا يتحقق المعنى كاملا كما قصد إليه القرآن..
فالله سبحانه وتعالى، يلفت المؤمنين الذين فى قلوبهم مرض، إلى هذا المرض الذي اندس فى قلوبهم، ولا يكادون يعرفون أنهم مصابون به..
ولكن بعد أن نزلت السورة المحكمة التي تحمل أمرا محكما بالقتال- عرف الذين فى قلوبهم مرض، أن فى قلوبهم مرضا، لما عراهم من تلك الأوصاف التي