فقد يكون المؤمن على درجة من الإيمان.. فهو يؤمن بالله، وبكتاب الله وبرسول الله، وباليوم الآخر.. ولكن فى مجال الامتحان، تضمر هذه المعاني فى نفسه، وتخفّ موازينها فى كيانه.. وهذا من شأنه- إن تمكن فى قلب المؤمن- أن يذهب بإيمانه كلّه.. إن الإيمان ولاء مطلق.. فى السّرّاء والضرّاء، فى الرخاء والشدة.. أما الإيمان فى حال الميسرة والرخاء، والجزع والتشكك، أو التردد فى، حال الشدة والبلاء- فذلك هو الطريق إلى النفاق والكفر.
وهذا أول مرض تكشف عنه الآية الكريمة فى نظرتها الأولى إلى الجماعة الإسلامية.. إنها أرت المسلمين بعضا من أنفسهم، وإن بهم خللا ينبغى أن يعالجوه فيما بينهم، وأن يتلافوه قبل أن يستفحل ويعظم، وتتولد منه مواليد كثيرة من المنافقين، الذين يكونون حربا خفية على المسلمين.
وقوله تعالى: «فَأَوْلى لَهُمْ طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ» - هو دعوة من الله سبحانه وتعالى إلى هؤلاء المؤمنين، الذين عرفوا أن فى قلوبهم مرضا، وذلك لما وجدوا فى أنفسهم من ضيق وهمّ، حين استمعوا إلى آيات الله التي تنزلت على النبي، داعية إلى القتال- هو دعوة من الله سبحانه إلى هؤلاء المؤمنين، أن يغيروا ما بأنفسهم، وأن يصححوا إيمانهم بالله، وأن يكونوا على ولاء مطلق لله، فيسمعوا، ويطيعوا، على المكره والمنشط.. فذلك هو الذي يمسك عليهم إيمانهم بالله، وفى هذا سلامة لهم، وصلاح لأمرهم فى الدنيا والآخرة جميعا..
هذا، وقد جاءت الجملة الخبرية: «فَأَوْلى لَهُمْ طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ» - جاءت وأحد جزميها (المبتدأ) فى آية والجزء الآخر (الخبر) فى آية أخرى.
فما سرّ هذا؟ أو ما بعض سره؟
يقول المفسرون، وعلماء البيان: إن ذلك لمراعاة الفاصلة القرآنية..