والأمر فى هذا كله متروك لولىّ الأمر، القائم على شئون الحرب الدائرة بين المسلمين، وبين العدوّ، فهو الذي يقدّر الأمر فى شأن أسرى العدو، أفرادا أو جماعات، بالعفو والمنّ، أو الفداء..
قوله تعالى:
«حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها» - هو غاية للحكم الذي جاء به الأمر فى قوله تعالى:
«فَضَرْبَ الرِّقابِ» .. فهذا الحكم قائم على المسلمين الذين يلتقون بالكافرين فى ميدان القتال.. إنهم مأمورون أمرا إليها بأن يضربوا الضربات القاتلة للأعداء، غير ملتفتين إلى أخذهم أسرى، الأمر الذي يحملهم على أن يتحروا ضرب المواطن غير المميتة منهم، حتى يكونوا مغنما من مغانم الحرب.. ومن جهة أخرى تشير هذه الغاية إلى أن حكم الضرب فى رقاب الكافرين، إنما هو فى حال الحرب، أما إذا انتهت الحرب، وخمدت نارها، فليس للمسلم أن يبدأ بعدوان، أو أن يقتل أحدا من الكافرين إذا لقيه وأمكنته الفرصة منه.. إذ لا يستباح دم الكافر إلا إذا كان فى حرب على المسلمين.. أما فى غير الحرب، فإن لدمه حرمة يجب على المسلمين رعايتها، وصيانتها..
وهكذا يقيم الإسلام فى نفوس أتباعه هذه المشاعر الإنسانية العالية حتى مع عدوهم، الذي كان فى وقت ما حربا عليهم، والذي لا يزال على فيه الحرب والعدوان، إذا أمكنته الفرصة..
وأوزار الحرب: أثقالها، وأعباؤها، وما يحمل المسلمون منها فى مصادمة عدوهم، ودفع شره عنهم.. فإذا انتهت الحرب، وأخلى العدو ميدان