لا يذوقون الموت، ولا يتحولون عن هذا النعيم الذي هم فيه، إنما كان ذلك فضلا من فضل الله، وإحسانا من إحسانه، ورحمة من رحمته، إلى عباده المؤمنين.. وحسبهم بهذا فوزا.. فذلك هو الفوز العظيم، الذي لا يعدله فوز..
قوله تعالى:
«فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ» ..
الضمير فى «يَسَّرْناهُ» يراد به القرآن الكريم.. والمراد بتيسيره..
بلسان النبي، تمكين العرب من الالتقاء بهذا القرآن، والأخذ عنه، وتلقى الهدى منه، لأنه بلسانهم، الذي هو لسان النبي المبعوث فيهم..
وفى قوله تعالى: «لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ» .. تذكير لهؤلاء المشركين بنعمة الله عليهم، إذ أنزل عليهم كتابا من عنده، باللسان الذي يتكلمون به..
ولو جاءهم بغير هذا اللسان، لما كان لهم سبيل إلى الاتصال به، والحياة فى رياضه النضرة، والاقتطاف من ثماره الطيبة المباركة..
فهذه نعمة جليلة من نعم الله على الأمة العربية، وإنه لجدير بها أن تلتقى بهذه النعمة، وأن تأخذ حظها منها.. فهو كتاب الله إليهم، ورحمته فيهم..
وقد ذكر القرآن بضميره، دون أن يكون لهذا الضمير مرجع، لأن القرآن أشهر من أن يذكر، إذ هو حجة قائمة على المؤمنين، وغير المؤمنين جميعا..
قوله تعالى:
«فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ» .