كان بلاء شاملا يستأصل القوم، ويأتى على كل شىء، فلا تبقى منهم باقية..

كما حلّ بقوم نوح، وعاد، وثمود، وأصحاب مدين، وقوم لوط.. وإنما هذا العذاب الذي نزل بالمشركين، لم يكن إلا وجها من وجوه الحياة التي كانوا يتقلبون فيها.. فإذا نزل بهم قحط، فقد عرفوا هذا القحط من قبل وذاقوا العذاب منه.. وإن أصيبوا فى أنفسهم فى معركة، من المعارك كيوم بدر فما أكثر المعارك التي أريقت فيها دماؤهم وأزهقت أرواحهم.. ولكن الذي يجعل لهذا العذاب الذي ينزل بالمشركين طعما جديدا، هو أنه يأتى على يد النبىّ، بدعائه عليهم، وذلك فيما أصابهم من قحط، أو على يد أصحابه يوم بدر..

فهذا هو الذي يجعل لهذا العذاب حسابا خاصا عندهم، وأثرا مضاعفا فى نفوسهم.

هذا ما يشير إليه القرآن الكريم فى قوله تعالى: «قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ» (52: التوبة) .. فالنبىّ والمسلمون معه، إنما يتربص بهم، وينتظر أن يحلّ بهم عذاب من عند الله، وهو هذا القحط الذي حلّ بهم، أو أن يحلّ بهم عذاب بأيدى المؤمنين، وهو ما أصابهم على أيدى المسلمين من خزى وهو ان فى ميادين القتال، حتى لقد انتهى الأمر بدخول المسلمين عليهم، مكة، واستسلامهم للنبىّ، وإسلامهم لله رب العالمين..

ومن جهة أخرى، فإن هؤلاء المشركين قد دخلوا جميعا فى الإسلام، ولم يمت منهم على الكفر إلا أعداد قليلة بالنسبة لمجموعهم، سواء من مات منهم فى ميدان القتال بأيدى المسلمين، أو من مات حتف أنفه.. وهذا من شأنه ألّا يوقع حكما عاما على هؤلاء المشركين بالعذاب الأليم يوم القيامة، وذلك لأنهم سيصبحون عما قليل فى عداد المؤمنين بالله.. وعلى هذا فإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015