قوله تعالى:

«وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ» .

فهذه الآية تشير إلى التطبيق العملي للإيمان والعمل الصالح، حيث يحتسب الإنسان نفسه واحدا من جماعة المسلمين، فيعيش معهم، ويلقاهم بإيمانه وبعمله الصالح، فلا يجزى السيئة بالسيئة، بل يلقى السيئة بالحسنة..

إذ لا تستوى الحسنة ولا السيئة.. ومن شأن المؤمن أن يأخذ بالأحسن دائما..

وقوله تعالى: «ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» أي ردّ السيئة بالتي هى أحسن، وهى الإحسان فى مقابل الإساءة.. فإن من حقّ الإنسان إذا أسىء إليه أن يردّ السّيئة بالسيئة، كما يقول الله تعالى: «وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها» ثم يعقب ذلك بقوله: «فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ» .. فردّ السيئة بمثلها، ليس حسنا ولا سيّئا، والعفو عن السيئة حسن، وأحسن من هذا الحسن أن تردّ السيئة بالحسنة.. فهذه درجات ثلاث، والمؤمن بالخيار فيها.. وخير المؤمنين من أخذ بالدرجة الثالثة، وهى دفع السيئة بالحسنة..

وقوله تعالى: «فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ» بيان للأثر الطيب، الذي يجىء من هذا العمل الطيب، وهو دفع السيئة بالحسنة، وهو أنه بالإحسان إلى المسيء، تنطفىء نار الفتنة التي كان يمكن أن تشتعل من احتكاك السيئة بالسيئة.. ثم إن هذا المسيء الذي كان يتوقع الإساءة ممن أساء إليه- حين يرى أن اليد التي مدّها بالإساءة قد عادت إليه ملأى بالإحسان ممن أساء إليه، يستخزى من نفسه وتخفّ موازينه حين ينظر إلى فعله، وفعل المحسن إليه، فيذلّ، وينقاد.. إن لم يكن عاجلا فآجلا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015