«إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ» (72: الأحزاب) .. فقد خيرت السموات والأرض فى أن تأتيا طوعا أو كرها، فاختارتا أن تأتيا طائعتين، وذلك معناه، إباؤهنّ قبول الأمانة التي عرضت عليهن، وتلك الأمانة هى أن يوكل إليهن تصريف شئونهن بإرادتهن.. فأبين ذلك، وأسلمن الأمر كله لله..
أما الإنسان، فهو وحده الذي حمل الأمانة، وهو الذي يأتى ما أراد الله منه سواء أكان طائعا أو عاصيا، لأن إرادة الله تعلو إرادته، وكل ما يفعله الإنسان وإن كان بإرادته، هو من إرادة الله له، ومشيئته فيه..
فهو مكره فى صورة مريد!.
قوله تعالى:
«فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ» .
أي فدبّر أمرهن وقضى فيهن بما شاءت إرادته، فكنّ سبع سموات..
والضمير فى «قضاهن» هو للسبع السموات، وقد قدم الضمير هنا للدلالة على أن التدبير والقضاء قد وقع عليهن بعد أن خلقن، وكنّ سموات سبعا.. فالضمير يعود إلى وجود قائم، وإن لم يجر له ذكر، وذلك أدل على وجوده وتحققه.. وسبع سموات بدل من هذا الضمير، كما تقول:
أكرمته عليا، وأكلته عنبا..
وقوله تعالى: «وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها» أي أوحى، وأنزل فى كل سماء ما أمرها به، وما قدره لها من نظام تجرى عليه.