وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها فى أربعة أيام.. منهما يومان كان فيهما خلق جرم الأرض.. أما ذكر اليومين فللدلالة على أن الخلق غير الجعل..
فخلق الأرض، كان له زمن تمّ فيه هذا الخلق.. ثم كان لتلك الإضافات التي دخلت على الأرض بعد خلقها، زمن آخر، ومجموع هذا وذاك هو أربعة أيام من أيام الله.. وهذا مثل قوله تعالى: «وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً» (15: الأحقاف) وقوله فى آية أخرى: «وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ» (14: لقمان) .
قوله تعالى:
«ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ» .
استوى إلى السماء، أي نظر إلى السماء، نظر تمكن واستعلاء..
وهى دخان: أي بخار.
أي أنه بعد أن تمّ خلق الأرض، وتهيأت لاستقبال الحياة، بعد هذا نظر سبحانه وتعالى إلى السماء، نظرة تمكن واستعلاء، وكانت دخانا، أي بخارا غير متماسك، «فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ» - أي دعا الأرض والسماء أن يأتياه، أي يستجيبا له، ويخضعا لمشيئته، ويستقيما على ما أراد منهما، إما طائعتين أو مكروهتين أي أن تأتيا إما مستسلمتين بلا إرادة، أو مكرهتين، فتكون إرادتهما تبعا لإرادة الله سبحانه وتعالى: «قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ» أي مستسلمين، دون أن نخرج على النظام الذي أقمتنا عليه.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: