قوله تعالى:
«وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ» لقد كشف الرجل المؤمن عن حاله، وأعلن ما كان يخفيه من إيمانه، وخرج عن سلطان فرعون، وانطلق يلقى الناس مواجهة بالدين الذي دان به، ويحاجّهم بمنطق الحق الذي استقام عليه..
وهذه المقولات التي يقولها الرجل المؤمن، هى خارج هذا المجلس الذي ضمه وفرعون والملأ من قبل.. إنه امتداد إلى خارج إلى هذا المجلس، حيث يلقاه الناس فى كل مجتمع وناد..
قوله تعالى:
«مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ» هو مقولة من مقولات الرجل المؤمن، يعرض بها موازين الناس عند الإله.
الذي يدعوهم إليه.. إنه إله عادل، حكيم، عالم بكل شىء.. «مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها» .. إن عمله هذا مردود عليه، ومجزىّ به، مثقالا بمثقال «وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ.. فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ» فالمحسن- من ذكر أو أنثى- لا يلقى جزاء الحسنة بمثلها وحسب، بل إنه يضاعف له الجزاء الحسن أضعافا مضاعفة، بلا حساب..
فالجنة التي يجزى بها أهل الإحسان، لا يقدّر لها ثمن، ولا يبلغها إحسان محسن، ولكنها فضل من فضل الله، وإحسان من إحسانه، إلى من أحسنوا واتقوا، «وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» وليس بين المحب والمحبوب حساب! وفى قوله تعالى: «وَهُوَ مُؤْمِنٌ» - إشارة إلى أن العمل الصالح لا يقبل، ولا يدخل فى الأعمال الصالحة- إلا مع الإيمان بالله.