التوالد بانقسام الكائن الحىّ على نفسه.. كلّ قسم يحوى جرثومة ذكرا وأنثى.. وهكذا تتوالد الخلايا بانقسامها على نفسها.
وثانيهما: أن انفصال الذكر عن الأنثى جاء فى مرحلة متأخرة، بمعنى أنه كان بين الخلق والجعل آمادا طويلة، وأزمانا ممتدة، وهذا هو السرّ- والله أعلم- فى العطف بحرف «ثم» الذي يفيد الامتداد والتراخي فى الزمن.
قوله تعالى: «وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ» .
التعبير بالإنزال دون الخلق. إشارة إلى أنها نعم منزلة من عند الله.. وأن شأنها فى حياة الإنسان عظيم، أشبه بالغيث الذي ينزل من السماء..
والأنعام الثمانية، هى ما أشار إليها سبحانه وتعالى فى قوله: «ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ.. قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ، أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهذا» (143- 144: الأنعام) .
فهى أربعة أصناف: الضأن، والمعز، والإبل، والبقر.. وكل صنف منها ذكر وأنثى، فهى ثمانية متزوجة، ذكر وأنثى. كلّ منها زوج للآخر..
وقوله تعالى: «يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ» ..
أي أن هذا التوالد، هو خلق جديد لكل كائن يولد، وليس عملا آنيّا يتم بغير حساب وتقدير.. بل إنه ليس خلقا واحدا، وإنما هو خلق بعد خلق، وأطوار بعد أطوار، يلبسها الكائن إلى آخر مرحلة الخلق، حتى يستوى خلقه ويصبح على الصورة التي قدّر الله سبحانه إخراجه عليها.. وهذا الخلق يقع فى عالم خفىّ محجّب بحجب ثلاثة، تلفّه فى كيانها، واحدا بعد واحد.. هى البطن،