لا يخرجان عنه.. فلكلّ فلكه الذي يجرى فيه.. لا يتعداه..
وقوله تعالى: «أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ» .. إشارة إلى عزّة الله وقوته، وأنه القهّار الذي يخضع كل موجود لسلطانه.. ومن كان هذا شأنه فإن نسبة الولد إليه ضلال مبين، وسفه جهول.. لأن الولد إنما يسدّ نقصا، ويشبع رغبة، ويرضى عاطفة.. وتعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
والله سبحانه وتعالى مع عزّته وقوته، فهو غفار للسيئات، غفور للمذنبين، إذا هم تابوا إلى الله، واستغفروا لذنوبهم! «وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ» (135 آل عمران) قوله تعالى:
«خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ.. يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ. ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ» هو كشف لوجه آخر من وجوه قدرة الله سبحانه.. تلك القدرة المتمكنة من كل شىء، المتصرفة فى كل شىء، المستغنية عن كل شىء..
ومن دلائل تلك القدرة خلق الناس جميعا من نفس واحدة، أي طبيعة واحدة، أو جرثومة واحدة، هى الجرثومة الأولى التي تخلّق منها الكائن الحىّ..
وفى قوله تعالى: «ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها» . إشارة إلى أمرين:
أولهما: أن الجعل غير الخلق. فالخلق إيجاد للمخلوق، والجعل، إظهار لما فى المخلوق من خصائص، وإبراز ما اشتمل عليه من صفات.. وهذا مثل قوله تعالى: «وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها» ..
وهذا يعنى أن الجرثومة الأولى للحياة، كانت ذكرا وأنثى معا.. ثم حصل