عليه قد كان فى أخريات النهار، كما يقول الله تعالى: «إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ» ..
هذا، ولم يكن- عليه السلام- قد فرغ من الأمر الذي قصد إليه من هذا العرض للخيل، وهذا هو حجاب الظلام يحول بينه وبين تفرسها بعينيه، إذ كان العرض فى أخريات النهار بالعشي.. فماذا يفعل؟
لقد أراد القائمون على أمر هذا الاستعراض من حاشيته، أن يؤجّلوا ذلك إلى يوم آخر، وأن يذهبوا ببقية الخيل التي لم تعرض إلى مرابطها.. وربما همّ الرجال بهذا فعلا، بل وربما مضوا فى تنفيذه- بعد أخذ موافقته ضرورة- ولكن سرعان ما بدا له أن ينتهى من هذا الاستعراض فى مجلسه هذا، حتى لا يعود إلى هذه الفتنة من غد.. فقال وقد أخذت الخيل طريقها إلى مرابطها: «ردّوها علىّ!» فلما ردت إليه، أخذ يتحسسها سريعا بيديه، بالمسح بيديه على سوقها وأعناقها «فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ» .. وأعراف الخيل، وأرجلها- وخاصة سيقانها- هى المواضع التي تنمّ عنها، وتحدّث عن مكانها من الأصالة والجودة.. وفى هذا يقول امرؤ القيس فى وصف جواده:
له أيطلا ظبى وساقا نعامة ... وإرخاء سرحان وتقريب تتفل
والأيطل: الكفل، وهو أعلى الفخذ.. والسرحان الذئب، والتتفل:
ولد الظبى.
فامرؤ القيس يصف ساق جواده بالضمور، وعدم الامتلاء، ويشبهه بساق النعامة فى دقته، وتجرده من اللحم. على حين يشبّه كفله بكفل الظبى فى الامتلاء باللحم..!
ونلخص مضمون القصة فنقول: