أحواله على حين أن عدم قبول التكليف وحمل الأمانة، ليس من طبيعة الكائنات الأخرى ولا من شأنها..
وثانيها: أن هذه الطبيعة القابلة للتكليف وحمل الأمانة، قد انفردت من بين المخلوقات بالقدرة على ما تعجز عنه المخلوقات كلها، فى السماء وفي الأرض.. وفي هذا تكريم للإنسان، وإعلاء لقدره، ووضعه في ميزان ترجح فيه كفته على سائر المخلوقات مجتمعة..
وثالثها: أن هذا التكريم للإنسان يلقى عليه عبئا ثقيلا، يتطلب منه التفاتا قويا إلى نفسه، باستعمال القوى المدركة المودعة فيه، وحراستها من الآفات التي تعرض لها، حتى يؤدى ما اؤتمن عليه، ويثبت للوجود أنه كما وصفه الله:
«لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ» وأنه هذا الكائن المصطفى من بين الكائنات، كما يقول سبحانه: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ» فآدم صفوة خلق الله جميعا، ونوح صفوة أبناء آدم، وآل إبراهيم وآل عمران صفوة أبناء نوح..
فإذا غفل الإنسان عن هذا المقام العظيم الذي رفعه الله إليه، وانطفأت فى كيانه تلك الشعلة المقدسة، وهى العقل الذي أودعه الله فيه- لم يكن إلا ترابا من تراب هذه الأرض، وكان كما وصفه الله: «ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ» .
وخامسا: قوله تعالى: «إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا» .
ما معنى هذا الوصف الذي وصف به الإنسان؟ وهل يتفق وصفه بالظلم والجهل، مع هذا الفهم الذي فهمنا الآية الكريمة عليه، وأنها تحدث عن الإنسان هذا الحديث الذي يقيمه على قمة الوجود كله؟.
والجواب على هذا- والله أعلم.. أن هذا الوصف ليس واقعا على