سمّاه من بعد جعيل عمرا ... وكان للبائس يوما ظهرا
وكان النبي- صلوات الله وسلامه عليه- إذا بلغوا «عمرا» قال معهم عمرا، وإذا بلغوا «ظهرا» قال معهم ظهرا..
وجعيل هذا، هو جعيل بن سراقة الضمري، وكان رجلا صالحا من قدماء المهاجرين، ومن الذين شهدوا المشاهد كلها مع النبي، وقد غيّر الرسول اسمه هذا، فسماه عمرا.. ولما قسم الرسول غنائم حنين، ولم يعط الأنصار منها شيئا، ولا كثيرا من المهاجرين، وفرقها في قريش والمؤلفة قلوبهم، ليثبتوا على الإسلام- كان جعيل ممن حرم العطية، وكان من فقراء الصحابة، فكلم سعد بن أبى وقاص النبي في ذلك، وقال يا رسول الله، تحرم جعيلا مع ما تعلمه من خلّته، وتعطى عيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، وفلانا وفلانا؟
فقال صلى الله عليه وسلم: «أما والذي نفسى بيده لجعيل بن سراقة خير من طلاع الأرض مثل عيينة والأقرع، ولكن تألفتهما ليسلما، ووكلت جعيل بن سراقة إلى إسلامه» ..
هذا، وما كاد الرسول يفرغ من حفر الخندق، حتى أقبلت قريش، وحتى نزلت بمجتمع الأسيال من رومة بين الجرف وزغابة في عشرة آلاف من أحابيشهم، ومن تبعهم من بنى كنانة وأهل تهامة.. وأقبلت غطفان ومن تبعهم من أهل نجد، حتى نزلوا إلى جانب أحد..
أما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد خرج بالمسلمين، وجعل ظهورهم إلى جبل سلع، وضرب هناك عسكره، والخندق بينه وبين القوم، وكان قد اجتمع له نحو ثلاثة آلاف من المسلمين..
وطال انتظار قريش أمام الخندق، تفكر في وسيلة تدخل بها على المسلمين المدينة.. واستمر ذلك نحو شهرين، وفي خلال تلك المدة استطاع بعض فرسان