قوله تعالى:
«أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً؟ .. لا يَسْتَوُونَ» .
هو تعقيب على الآيات السابقة، التي كشفت عن وجوه المجرمين، وساقتهم إلى موارد الهلاك والبلاء، كما كشفت عن وجوه المؤمنين، وأرتهم ما أعدّ لهم من نعيم ورضوان.. ثم هو تمهيد لما ستكشفه الآيات التالية بعد هذا، من موقف الفريقين، ومن الجزاء الذي يلقاه كل فريق..
والاستفهام هنا يراد به النفي.. ولهذا جاء جوابه منفيا.
وفي الاستفهام من توضيح الحكم وتأكيده، ما ليس في الخبر التقريرىّ، الذي يجىء بالحكم صريحا مواجها، يلقى به إلقاء، على سبيل الإلزام والتحكم!.
ففى الأسلوب الاستفهامى، دعوة إلى العقل أن ينظر في هذه القضية، وأن يشارك في الحكم المناسب لها، وفي البحث عن الحيثيات التي تدعم هذا الحكم وتسنده..
«أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً؟» .
هذه هى القضية..
فماذا يؤدّى إليه النظر فيها؟ ولأى طرفى الخصومة فيها يحكم العقل؟
أهما على سواء، فلا فاضل ولا مفضول؟ ذلك بعيد.. إذ لو كانا على حال واحدة من جميع الوجوه، لكانا شيئا واحدا، ولم يكونا شيئين متقابلين..
وإذ كان الأمر كذلك، فهما غير متساويين..
هذه بديهة لا تحتاج إلى كثير من النظر.. ولهذا جاء قوله تعالى: