- وفي قوله تعالى: «بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا» الباء للسببية، أي ذوقوا هذا العذاب بسبب نسيانكم هذا اليوم، وكفركم به! وقد عبّر عن كفرهم، بيوم القيامة بالنسيان، ليكشف عن مدى استخفافهم به، وإخلاء أنفسهم من كل شعور يصل بينهم وبينه.
وقوله تعالى: «إِنَّا نَسِيناكُمْ» هو على سبيل المجازاة.. وأنهم كما استخفّوا بهذا اليوم، فقد استخفّ الله بهم، ولم ينظر إليهم بعين الرحمة..
فهم باقون في هذه النار لا يخرجون منها، حتى لكأنهم قد نسوا فيها.. كما يقول الله سبحانه: «كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى» (126: طه) .
قوله تعالى:
«إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ» .
هو أيضا ردّ على هؤلاء المجرمين، الذين لا يؤمنون بآيات الله أبدا..
لأنهم على غير صفات أهل الإيمان.. فأهل الإيمان إذا ذكّروا بآيات الله، تفتحت لها قلوبهم، واستنارت بها بصائرهم، فعرفوا ربهم، وانقادوا لجلاله وعظمته، وخشعوا لعزته وجبروته، وسجدوا مع الساجدين، وسبحوا بحمده مع المسبحين، فى ولاء لا يطوف به كبر، وفي خضوع لا يخالطه استعلاء! قوله تعالى:
«تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ» .
ومن صفات المؤمنين، أنهم مشغولون بذكر الله، لا ينامون إذا نام الناس،