قوله تعالى:
«أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ» .
هو استفهام إنكارىّ، ينكر فيه على هؤلاء المشركين كفرهم بآيات الله، وجحودهم النعم التي يعيشون فيها من فضله وإحسانه ... فقد اختصهم الله سبحانه من بين العرب جميعا، بهذا البلد الحرام، الذي ألقى فى قلوب العرب جميعا توقيره، وتوقير ساكنيه.. وبهذا عاش هؤلاء المشركون فى ظل هذا البلد الحرام، آمنين لا ينالهم أحد بسوء، على حين يعيش الناس من حولهم، فى خوف وفزع، وفى بغى وعدوان، لا يأمن أحد على نفسه، وأهله وماله، من أن تطلع عليه فى أية لحظة، عاصفة تأتى على كل شىء!.
هكذا الحياة فى هذه الغابة التي لا يتعامل فيها ساكنوها إلا بالظفر والنّاب، ما عدا هذه البقعة المباركة منها، فقد حماها الله، وحمى أهلها من كل عادية.. «الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ» (4: قريش) .
أفلا يرى هؤلاء المشركون تلك النعمة الجليلة؟ ألا يذكرون فضل الله عليهم بها؟ ألا يخلصون له العبادة؟ ألا يتركون عبادة هذه الدّمى التي شوّهوا بها وجه هذا الحرم، وجعلوها أندادا لله؟ «أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ» ؟ ألا ما أسخف عقولهم، وما أخفّ أحلامهم! قوله تعالى:
«وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ» .
وإن هؤلاء المشركين لظالمون معتدون، بل إنهم لأشد الناس ظلما وأكثرهم عدوانا.. إنّهم افتروا على الله الكذب، فخلقوا هذه الدّمى،