فإذا خلصوا من البلاء، ونجوا من الهلاك، ولبستهم الطمأنينة- عادوا إلى ما كانوا فيه من شرك، ونسوا ما كان منهم لله من دعاء ومواثيق!! وهكذا المشركون فى الآخرة، يوم يلقاهم العذاب، وتفتح لهم أبواب جهنم..

هناك لا يجرون لآلهتهم ذكرا على ألسنتهم، بل يذكرون الله وحده، طالبين الغوث من هذا البلاء العظيم، قائلين: «رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ» .. وأنّى لهم الخروج وقد دانهم الديّان بما كانوا يعملون؟: «قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ» (108: المؤمنون) .

قوله تعالى:

«لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ» .

اللام فى «ليكفروا» وفى «ليتمتعوا» هى لام التعليل.. وهو تعليل لسؤال يرد على قوله تعالى: «فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ!» والسؤال الوارد هنا هو: لم لم يهلكهم الله فى هذه الدنيا؟ ولم لم يعجّل لهم العذاب بشركهم هذا؟ ولم نجاهم الله سبحانه من الغرق، ولم يدع يد الغرق التي امتدت إلى سفينتهم تدفع بها وبهم إلى لجة الماء، فيبتلعهم اليمّ؟.

والجواب: «لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا» أي ليأخذوا فرصتهم كاملة فى الكفر بهذه الآيات التي تطلع عليهم من آثار قدرتنا، وليتمتعوا بما بقي فى آجالهم المقدورة لهم، من أيام.

- وقوله تعالى: «فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ» تهديد ووعيد لهؤلاء المشركين الذين لم تزدهم آيات الله إلا ضلالا، ولم تزدهم نعمه وآلاؤه إلا كفرا.. وأنهم إذا كانوا اليوم فى غفلة عن مصيرهم الذي هم صائرون إليه، فسوف يعلمون علم اليقين، هذا المصير، وسيصلون عما قليل إلى ما أعد الله لهم من عذاب أليم.

هذا وقد قرىء قوله تعالى: «لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا» يسكون اللام فى «وليتمتّعوا» وهذا يعنى أن الأسلوب أمر، يراد به التهديد والوعيد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015