هو الذي كان يمسك لسانه عن الانطلاق، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:
«وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي» (13: الشعراء) فضيق الصدر من الخوف والرهبة، هو الذي يحبس اللسان عن الانطلاق في الحديث- ولهذا جاء قوله تعالى إلى موسى: «وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ» أي اضمم إليك جناحك، تسكينا لك من الرهب، أي الخوف، الذي يجئ من الرهبة.
وقد يردّ على هذا، بما جاء في قوله تعالى على لسان فرعون في موسى:
«أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ» (52: الزخرف) فهذا الذي نطق به فرعون، يكشف عن عجز موسى عن البيان في منطقه..
وردّنا على هذا، هو ما أشرنا إليه، من أن الخوف الذي كان يعترى موسى في أول لقاء أنه مع هذا الجبار العنيد، الذي يسلط عليه سيف التهديد بالقتل، قصاصا للقتيل الذي قتله موسى- هذا الخوف، هو الذي كان يجعل موسى غير قادر على الانطلاق في الكلام.. أما ما قاله موسى: «وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً» فهو لما لم يكن لهرون ذنب يطالبه به فرعون، فهرون فى هذا الموقف أقدر على الكلام من موسى، ولهذا قدم قوله: «قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ» على قوله: «وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً» ..!
قوله تعالى:
«قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ» .
«بِآياتِنا» متعلق بقوله تعالى: «الْغالِبُونَ» .
والمعنى: أنكما أنتما، ومن اتبعكما، الغالبون بآياتنا التي في أيديكما. وشد