قوله تعالى:
«قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ، وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ» إن شبح القتيل ما زال يطارد موسى، بعد هذا الزمن الطويل، وإن لقاءه فرعون سيحرك هذا الحدث الذي كاد ينسى.. ولهذا أظهر موسى ما بنفسه من خوف، وأن لقاءه فرعون، وعرض ما يعرض عليه من آيات- قد يقع عند فرعون أنه حيلة يريد أن يشغله بها عن فعلته التي فعلها، ولهذا طلب أن يكون معه أخوه هرون، الذي لا تهمة له عند فرعون، ليكون قوله بعيدا عن هذا الظن الذي يظنه فرعون في موسى..
وهنا سؤال:
هل كان موسى ألكن أو عييّا، على لسانه حبسة، حتى يطلب إلى الله أن يرسل معه هرون الذي هو أفصح منه لسانا؟
هذا ما يقول به المفسّرون، ويأتون على ذلك بأخبار تحدث بأن موسى قد أخذ بيده جمرة، وهو طفل في بيت فرعون.. ورفعها إلى فمه فمسّت لسانه، وتركت عليه هذه الحبسة! وهذا خبر لا يصدق.. إذ كيف يستطيع الطفل أن يمسك الجمرة بيده، ثم يصبر عليها حتى يحملها إلى فمه، ثم يلقى بها في فيه؟
ومن جهة أخرى، فإن اللسان، هو الأداة العاملة في رسالة الرسول..
فكيف تعطل هذه الأداة، أو تصاب بعطب؟ ذلك بعيد.. وماذا يبقى من الرسول بعد أن يؤخذ لسانه؟
والذي نراه، هو أن الخوف الذي كان يملأ كيان موسى من فرعون،