هو مما كان يراجع به صالح قومه، ليكشف لهم عن موقفهم الضال، الذي يرد بهم موارد التهلكة.. فقد استعجلوا العذاب الذي كان يتوعدهم به، إداهم ظلوا على ما هم عليه من كفر وضلال..
وهذا ما ذكره الله سبحانه وتعالى، عنهم في قوله سبحانه: «فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ» (77: الأعراف) وقد كان الأولى بهم أن يطلبوا جانب الأمن والسلامة، وأن يدخلوا في هذه الدعوة التي يدعوهم إليها نبيهم، فإن وجدوا خيرا، عاشوا فيه، واطمأنوا إليه، وإلا كان في يدهم أن يخرجوا من هذا الدين الذي دخلوا فيه.. أما أن يبدءوا بجانب الوعيد من الدعوة، فذلك هو الضلال، والسفه جميعا..
قوله تعالى:
«قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ» ..
هذا هو جواب الحمقى السفهاء على دعوة الخير والهدى.. إنهم يستولدون من دعوة الخير التي يدعوهم إليها نبيهم، مواليد شؤم، تنعق في ديارهم، وتنعب فوق رءوسهم، بالويل والبلاء.. وهكذا تتغاير حقائق الأشياء في النفوس المريضة، تماما كما تتغاير طعوم المطعومات في الفم السقيم، كما يقول الشاعر:
ومن يك ذا فم مر مريض ... يجد مرا به الماء الزلالا
ويلقى «صالح» - عليه السلام- هذا الرد الغبي السفيه، بإلفاتهم