وثانيا: إفراد هذه القصة بالذكر وحدها، من غير أن تتصل بها قصة عاد، حيث يجرى دائما ذكرهما معا، فى كل موضع ذكرت فيه إحداهما في القرآن الكريم..

فما مناسبة هذه القصة لما قبلها؟

المناسبة- والله أعلم- هى أن ملكة سبأ، مع ما كانت عليه من كفر موروث، حين رأت الصرح الممرد، عرفت صدق سليمان، وأنه على صلة بالسماء، فآمنت بما آمن به هو، واتبعت سبيله.. وأن «ثمود» قد طلع عليهم نبيّهم بآية من آيات الله، هى «الناقة» ، فلم يروا فيها ما رأت ملكة سبأ في الصرح الممرد، بل كذبوا صالحا، ورموه بالسفه. فهذا موقف، وذاك موقف..

وكلا الموقفين بين يدى آية من آيات الله.. فيكون في تلك الآية عبرة وعظة لقوم، وضلال ومهلكة لآخرين.

ولعل هذا هو السر أيضا في ذكر قوم صالح، دون قوم هود، إذ لم يكن مع هود آية كهذه الآية التي جاء بها صالح.

وقوله تعالى: «فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ» .

«إذا» فجائية، وفيها إشارة إلى مبادرة القوم بالتكذيب، وإعلان الحرب على «صالح» بمجرد سماعهم لدعوة الحق التي يدعوهم إليها بقوله:

«أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ» ..

والفريقان المختصمان، هما صالح ومن اتبعه، وقومه الذين وقفوا منه موقف العناد والتحدي.. فكان بين الفريقين خصام وشقاق.

قوله تعالى:

«قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015