والصور الثلاث التي صور بها هذا الحدث، هى صورة واحدة، وإن استقلّت كل صورة بملامحها ومشخّصاتها..
فعناصر هذا الحديث هى:
موسى، والنار، وأهله، وما قال لأهله، وما عوّل على النتاسه من النار..
أما موسى.. فإنه قد رأى نارا.. وقد ذكرت هذه الرؤية في هذين الموضعين حكاية عن موسى ولم تذكر في الموضع الثالث، اكتفاء بالإشارة إليها فى الموضعين المذكورين..
فجاء في سورة طه: «إِذْ رَأى ناراً» .
وجاء في سورة القصص: «آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً» .
وهاتان الصورتان تمثلان الواقع أدق تمثيل، وأكمله.. فأول ما كان من موسى أنه رأى نارا.. مجرد رؤية.. ثم دخل عليه من هذه الرؤية أنس واطمئنان..
ثم كان بيان المكان الذي رأى فيه النار، وهو «جانب الطور» مما تتم به الصورة، التي سيكون لها شأن في نسيج الحدث كله..
وكان من تدبير موسى إذ رأى النار، أن ينطلق إليها وحده، وأن يدع أهله حيث هم، لأنه لا يدرى من يكون عند النار، وهل هم ركب مسافر، أم قطّاع طريق؟ .. إن من الحكمة أن يذهب وحده، ويتحسس الأمر، من غير أن يقحم أهله، ويدفع بهم إلى هذا المصير المجهول.. فينطلق وحده، بعد أن يعلن أهله بهذا..
ويصور القرآن الكريم، هذه الجزئية، من هذا المشهد في ثلاثة مواضع..
فى سورة النمل هكذا: «إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ.. إِنِّي آنَسْتُ ناراً» .
وفي سورة طه: «إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا.. إِنِّي آنَسْتُ ناراً»