بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ»
الظرف «إذ» متعلق بمحذوف يدل عليه قوله تعالى: «وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ» أي مما يلقيه عليك الحكيم العليم، ما كان من أخبار الرسل،، وها نحن أولاء نلقى عليك خبرا من أخبار موسى..
«إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً» .
آنس النار أحسّها، ووجد من إحساسه بها أنسا، وهو في وحشة مطبقة من صمت الصحراء، وظلام الليل.. فلما رأى النار استشعر الأنيس عندها، وأحسّ الأنس من جهتها، إذ لا توقد نار إلا وعندها من أوقدها، ليستدفئ بها، أو يهيىء لنفسه طعاما عليها..
وفي قول موسى لأهله: «سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ» ما يشير إلى أنّ موسى لم يكن على بيّنه من أمر هذه النار، وهل سيجد عندها أحدا أم لا.. فقد تكون بقية نار أشعلها قوم أول الليل ثم ارتحلوا عنها.. ولهذا فهو يتردد فيما سيجيئ به إلى أهله منها.. فهو إن لم يجد عندها أحدا، فلا أقلّ من أن يجىء بجذوة.. أي قطعة من النار.. لعلهم يصطلون بها، أي يستدفئون.
وقد جاء ذكر هذا الحدث في غير هذا الموضع هكذا:
«إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا.. إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً» (10: طه) .
وجاء في موضع ثالث هكذا:
«آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا.. إِنِّي آنَسْتُ ناراً.. لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ» (29:
القصص) .