بها، وبكل ما جاء فيها.. وإن كانت الثانية، طرحوها، وبحثوا عن وثائق أخرى، يجدون فيها الصدق الذي يطمئنون إليه..!
ولو أننا تركنا هذه المفتريات جانبا، وضربنا صفحا عنها، لما وقع عندنا أن أحدا يعقل- مجرد العقل- أو يفهم- أدنى الفهم- يأخذ بهذه المقولات، ويضيف شيئا منها إلى سيرة الرسول، يمس جانب النبوة فيه، أو يغمز الصلة القائمة بينه وبين السماء، ورسول السماء! فليس يصح في عقل عاقل أن تجىء المصادر الإسلامية، بما يتهم الرسول بالصرع والجنون.. إذ كيف يسوغ لمؤمن، أن يروى حديثا عن رسول الله، أو ينقله عنه إمام من أئمة الحديث، ويكون في هذا الحديث، ما يعزل النبي عن النبوة.. ثم يصدّق بنبوته، ويدين بشريعته، ويتعبّد بالقرآن الذي نزل عليه؟.
هذه واحدة، تفضح فهم الملحدين لهذه الأخبار، وتخريجهم الملتوى السقيم لها.. وأخرى.. يسجلها الواقع، ويشهد لها التاريخ شهادة ناطقة بلسان بيّن على مدى أربعة عشر قرنا من الزمان- وهي أنه ما كان لمصروع أو مجنون أن يقيم مجتمعا يدين لرسالته بالولاء، تلك الأجيال المتعاقبة عبر القرون، وتزداد مع الأيام اتساعا وامتدادا.. لا بعصبيّة أهله، ولا بقوة أتباعه، وإنما بما في الرسالة ذاتها من قوى ذاتية، تلقى الناس في كل أفق من آفاق حياتهم، وتلتقى مع كل طريق يتجهون فيه إلى الحق والخير، والعدل، والإحسان! ويكفى هذا وحده، فى فضح هذا الزور، وإلباس أهله الخزي والصغار! أمجنون، مصروع، يبنى دولة، وينشىء نظاما، ويقيم دينا يعيش في الناس