إلى الفعل، فيعسر بعض العسر.. ولذلك كان يحدث عنه في تلك الحالة من الغيبة والغطيط، ما هو معروف.
«وسبب ذلك، أن الوحى، كما قررناه، مفارقة البشرية، إلى المدارك الملكية، وتلقّى كلام الملك، فيحدث عنه شدة، من مفارقة الذات ذاتها، وانسلاخها عنها، من أفقها، إلى الأفق الآخر، وهذا معنى الغلط الذي عبر عنه النبي في مبدأ الوحى في قوله: «فغطنى حتى بلغ منى الجهد، ثم أرسلنى، فقال: اقرأ، فقلت ما أنا بقارئ، وكذا ثانية، وثالثة.. كما في الحديث» .
ثم يقول ابن خلدون: «وقد يفضى الاعتياد بالتدريج فيه شيئا فشيئا، إلى السهولة، بالقياس إلى ما قبله.. ولذلك كانت تنزل نجوم القرآن، وسوره، وآيه- حين كان بمكة- أقصر منها، وهو بالمدينة..
«وانظر إلى ما نقل- أي روى- فى نزول سورة «براءة» فى غزوة «تبوك» وأنها نزلت كلها، أو أكثرها، عليه- أي على النبي- وهو يسير على ناقة، بعد أن كان بمكة ينزل عليه بعض السورة من قصار المفصّل: فى وقت، وينزل عليه الباقي، فى حين آخر.. وكذلك كان آخر ما نزل بالمدينة آية الدّين، وهي ما هي في الطول، بعد أن كانت الآية تنزل بمكة، مثل آيات الرحمن، والذاريات، والمدثر، والضحى، والفلق، وأمثالها ... » (?)
هذه بعض الأحاديث والأخبار، التي روتها كتب الحديث والسيرة، فى شأن الوحى، واتصال النبي به.. وقد عرضنا رأى عالم مفكر من علماء المسلمين، ومفكريهم، فى هذه الأحاديث، وفهمه لها، وتصوره للوحى،