ويجنّ جنون فرعون لما يريد موسى أن يبلغه من القوم- قوم فرعون- من إغرائهم على الخروج عن طاعته، والخلاف عليه، فيلقاه بهذا الوعيد..

«لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ» [الشعراء] ويلقى موسى هذا الوعيد بقوله:

«أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ؟» ... [الشعراء] ويجيبه فرعون:

«فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ.» .... [الشعراء] ويتوقف موسى قليلا يستجمع قواه، ويهيىء نفسه لهذا الامتحان الذي يلقى فيه بكل ما معه من أسلحة، وهو على حذر وإشفاق من أن تخونه عصاه، أو لا تستجيب له يده..

ويرى فرعون هذه الحال من موسى، ويخيّل إليه أن موسى لا يملك شيئا بين يديه، فيجدها فرصة للطعنة القاضية، يطعن بها موسى.. فيقول له:

«إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ» (106) [الأعراف] وعندها يكون موسى قد استجمع نفسه، واستردّ عزمه الذي ذهب به الموقف.. ولا يتكلم موسى.. بل يدع للآيات التي معه أن تتكلم عنه، وتنطق ببيان أفصح من كل بيان..

«فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ» (107- 108 الأعراف) (32- 33 الشعراء) هكذا يحىء المشهد في كلّ من سورتى الأعراف والشعراء، على نسق واحد في النظم، لم يقع فيه أي خلاف بحرف أو كلمة، أو تقديم أو تأخير..

وهذا أمر يلفت النظر، ويدعو إلى التأمل والبحث.. حيث لا يلتزم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015