وأنه لا أثر له فى الخارج، إذ لا يرى الرائي منهم، إلا سفها وجهلا، تخفّ به موازينهم فى الحياة، وينزل به قدرهم فى أعين الناس..
وقوله تعالى: «وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً» - إشارة إلى مخلّفات هذا الاستكبار الكاذب، وأنه أغرى القوم بأن يلبسوا ثوب الجبابرة العتاة المتكبرين..
فإذا نظرنا إلى القوم فى هذا الوصف الكاشف، الذي وصفهم الله به، ثم نظرنا فى قوله تعالى: «وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا» - رأينا أن قولهم:
«لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا» إنما هو منطلق من قلوب لا تؤمن بالبعث، ولا بالحساب والجزاء، ومن هنا أطلقوا العنان لسفههم وتطاولهم على الله، حتى تمثّلوه واحدا منهم! قوله تعالى:
«يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً» .
إن هؤلاء السفهاء طلبوا مطلبين، لكى يصدّقوا بما ينزل عليهم من السماء.. إما أن تأتيهم الملائكة، أو يأتيهم الله! وقد ردّ الله سبحانه وتعالى على المطلب الأول، وهو نزول الملائكة، وأضرب عن المطلب الثاني، إذ لا سبيل إليه، وهو رؤية الله! وإنه إذا كان من الممكن أن تنزل عليهم الملائكة، فإنها لا تنزل عليهم إلا بالهلاك والدمار.. فذلك ما كانت ننزل به الملائكة على الأقوام الظالمين قبلهم، كما يقول سبحانه: «ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ» (8: الحجر) والحقّ هنا، هو ما حقّ على الضالين من عذاب الله، بعد أن كفروا بالله، وكذّبوا برسله..