تقوى الله بمحضر من قلوب المتعاملين هنا، استقام أمرهم، وسلم لهم دينهم ودنياهم جميعا.
وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (283)
التفسير: تبين هذه الآية حكما من أحكام الدين، وذلك حين يكون المتداينين على سفر، وليس هناك من كاتب يكتب لهما، كما أمر الله فى الآية السابقة، والحكم التعليمى هنا هو أن يقدّم المدين ليد الدائن رهنا يضمن دينه، وبذلك لا يكون هناك سبيل للمدين أن يماطل أو ينكر، فإن ماطل أو أنكر كان فى يد الدائن ما يفى بدينه، وهو الرهن المقبوض.
قوله تعالى: «فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ» وذلك حين لا يكون فى يد طالب الدين ما يقدمه لمن يطلب الاستدانة منه كرهينة لما يستدينه.. ففى هذه الحال يترك الأمر لتقدير الدائن، فإن أمن المدين، واطمأن إلى سلامة دينه، واستشعر الوفاء بدينه، داينه، وجعل هذا الدين أمانة فى ذمته، يؤديه إليه فى الأجل المحدد له، على أن يشهد على هذا الدين.
وقوله تعالى: «فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ» أمر إلزامى للمدين الذي ائتمنه الدائن، ولم يكتب دينه، ولم يكن فى يده رهن مقبوض فى مقابله- أمر إلزامى له أن يؤدى ما ائتمن عليه، فإن خيان الأمانة هنا جرم غليظ، إذ حكم