وقوله تعالى: «وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ» (282) حماية للكاتب، وللشاهدين من أن يلحقهما أذّى فى هذا العمل الذي أدّياه حسبة لوجه الله.
فالكاتب والشاهد فى العقود المبرمة بين المتعاقدين يؤديان عملا إنسانيا، حسبة لوجه الله، ومن الظلم أن يمسّهما سوء أو ينالهما أذى من أجل هذا العمل الذي يقومان به، وإلّا زهد الناس فى هذا العمل المبرور، إذا لم تيسر سبله، ولم يمط عنه كل أذى.
لهذا جاء قول الله تعالى: «وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ» حماية للإحسان وللمحسنين من أن يكدر صفو الإحسان، وأن يساء إلى أهله بأى لون من ألوان الأذى المادىّ أو الأدبىّ.
وقوله تعالى: «وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ» تحذير للدائنين والمدينين، والبائعين والمشترين، ولكل طرف من الطرفين المتعاقدين فى أية عملية يضبطها عقد ويشهد عليها شهود- تحذير لهؤلاء جميعا من أن ينال الكاتب أو الشاهد أذى منهم، فإن فعلوا كان ذلك فسقا منهم، وخروجا على سنة العدل والإحسان، وتعديا على حدود الله.
وقوله تعالى: «وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» (282) هذا أمر عام بتقوى الله، ومراقبته، والوفاء بأوامره ونواهيه على الوجه الأتم الأكمل.. وتقوى الله مطلوبة هنا فيما بيّنه الله تعالى من أحكام، وأوضحه من معالم، ورسمه من حدود فى عملية الدين، وفى البيع والشراء، فإنه إذا كانت