وفى قوله تعالى: «وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ» إشارة إلى تحيّر الشاهدين، والتماس الصفات الطيبة فيهما، فليس كل من حضر مجلس العقد كان صالحا للشهادة، قادرا على تحملها، بل يجب أن يكون ذلك بعد طلب، وبحث، فقوله تعالى: «وَاسْتَشْهِدُوا» أي اطلبوا شاهدين، وفى قوله تعالى: «مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ» أي ممن رأيتم فيهما، الاستقامة والسلامة، من بين أهل الاستقامة والسلامة.
وقوله تعالى: «أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى» معدول به عن أن يقال: «أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى» حيث يبدو معناهما واحدا، وهو أنه إذا ضلّت إحدى المرأتين عن الحقيقة التي شهدت عليها، ذكرتها الأخرى بهذه الحقيقة، وأعادتها إلى الصواب.
واللفظ القرآنى- فى ظاهره- فيه إطناب وتكرار، ولا يكون ذلك إلا لمعنى زائد، وإلا لغرض مراد، لا يحققه غير هذا اللفظ القرآنى على صورته تلك..فماذا هناك؟
لم يعرض القرآن الكريم للرجلين، إذا ضل أحدهما وأنكر ما شهد عليه، كما لم يعرض للرجل مع المرأتين.. إذا ضل عما شهد عليه. وإنما عرض للمرأتين فقط، وما قد يقع من إحداهما.. فما وجه هذا؟
نقول- والله أعلم-: إن الشهادة أمانة تحمّلها الشاهد، وقبلها طائعا مختارا، حسبة لوجه الله.. فإذا غيّر الشاهد وبدل فيما شهد عليه، فليس لأحد عليه من سبيل، وحسابه عند ربّه! سواء أكان الشاهد رجلا أو امرأة.
ولكن لما كانت المرأة أقرب إلى السهو والنسيان من الرجل بسبب ما يعرض لها من أحوال جسدية، من حمل وولادة، ومن هزّات عاطفية، فى