ولا شك أن غير المحصنين هم أقرب إلى التعرض لمثل هذا الفعل المنكر المفضوح، إذ كانوا- تحت وطأة الشهوة وقسوة الحرمان- معرضين للاندفاع إلى هذه الجريمة، وإلى قلة المبالاة بعواقبها، والعمى أو التعامي عن الظروف المحيطة بها.
أما المحصن فإنه- إذ يقدم على هذه الجريمة- لا يكون محكوما بثورة الشهوة، أو قسوة الحرمان إلى هذا الحد الذي يكون عليه غير المحصن.. كما أنه لا يندفع إلى هذه الجريمة هذا الاندفاع الصارخ المجنون، فى غير مبالاة، خوفا من الفضيحة والخزي، عند زوجه وبنيه وأهله.. ولهذا لم تثبت جريمة الزنا على المحصن أو المحصنة إلا بإقرارهما، كما كان الشأن مع «ماعز» والمرأة الغامدية..
وهنا يتضح لنا حكمة نص القرآن على حد الجلد، وهو العقوبة المفروضة على غير المحصنين، إذ كان غير المحصنين- كما قلنا- هم الكثرة الواقعة تحت حكم الزنا، على تلك الصورة المكشوفة المفضوحة، وهم أدنى إلى مواقعة الإثم على صورته تلك، من المحصنين، الذين يكاد الإسلام لا يفترض لهم وجودا..
لأنهم إذا وجدوا على تلك الحال، كانوا من الندرة النادرة التي لا يتوجه إليها عموم الحكم.
كذلك تتضح حكمة هذا التقدير الذي قدّره الإسلام لعقوبة هذا الجرم، فى مجاليه معا، الإحصان وغير الإحصان، وهو تقدير عادل رحيم، لا تخف موازينه أبدا، فى أي مجتمع إنسانى، يحترم وجوده، ويكرم إنسانيته، ويرعى حرماتها، ويحتفظ بالقدر الإنسانى من حيائه ومروءته..
والجلد مضافا إليه الفضح على الملأ، هو عقوبة غير المحصن والمحصنة.