الشبه القريبة أو البعيدة.. فإذا انحلّ ركن من هذه الأركان، أو دخلت عليه شبهة لم تكن جريمة فى نظر الشارع، ومن ثم فلا حد على المأخوذ بها.
وأهم الأركان التي تثبت بها جريمة الزنا، شهادة أربعة من الشهود العدول، بأن يشهدوا بأنهم رأوا هذا المنكر بين الرجل والمرأة، على الوجه الذي يقع بين الزوجين فى فراش الزوجية، من المعاشرة التي لا يطلع عليها أحد، وأن تكون هذه الرؤية كاشفة كل شىء بين الرجل والمرأة، وخاصة فيما يتصل بالتقاء سوءتيهما، التقاء مباشرا كاملا.
فإذا لم تقم كل شهادة من شهادات الشهود الأربعة على هذا الوجه، بحيث لو وقع الاختلاف بينها فى أية صفة من تلك الصفات- لم يحكم بوقوع الجريمة، ومن ثمّ فلا إقامة لحد عليها.. ويجلد الشهود ثمانين جلدة، إعمالا لقوله تعالى: «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً، وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ» (4: النور) .
وطبيعى أن تحقق هذه الشروط ندر أن يقع.. ذلك أن الذي يمكن أن يحدث منه هذا الأمر المنكر على ملأ من الناس بحيث تنكشف لهم سوءته- هو إنسان معتوه، أو مجنون، أو مخمور.. لأن العاقل- فى أي درجة من درجات العقل- يأبى عليه حياؤه أن يتجرد هذا التجرد لأعين الناس.. وإنه لو فرض وكان ممن ذهب ماء الحياء من وجهه.. فكيف السبيل إلى المرأة التي جمد حياؤها هذا الجمود، فتعرّت للرجل هذا التعرّى على أعين الناس؟ إن هذه صورة لا تقع إلا فى أحوال نادرة، وتحت ظروف وأحوال غير طبيعية، كأن يقدر الزانيان أنهما فى مأمن، فينكشف عنهما هذا الستر الذي تسترا فيه، على غير انتظار، أو أن يطلع عليهما مطلع من حيث لا يحسبان أو يقدران..