«فهذا هو أصل الرّبا المستكمل لجميع سيئاته.. ولهذا روى عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الرّبا فى النسيئة» (?) أي فى تأخير دفع الدّين نظير الزيادة عليه.

مداخل إلى الربا

ومن تمام الحكمة فى الشريعة الإسلامية، أنها لا تحفل كثيرا بالصور والأشكال، وإنما تلتفت دائما إلى ماوراء الصور والأشكال من آثار.. وعلى هذه الآثار يكون حكمها على الشيء.. من الحظر، أو الإباحة، أو الوجوب.

وغير هذا من الأحكام.

فالخمر- مثلا- مسكر.. فهو حرام لهذه العلة، وهى الإسكار.. وقليل الخمر لا يسكر، ومع هذا فقد تساوى القليل من الخمر مع الكثير، فى التحريم..

ونطق لسان الشرع الحكيم فيه: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» .

ولو أخذنا بمنطق الصورة والشكل، لكان قليل الخمر غير حرام، مادام لم يبلغ بالإنسان مبلغ السكر.

وربما يكون هذا مقبولا فى عمليات المنطق، ولكن هل يقبل الواقع هذا؟

وهل تصدقه التجربة؟

التجربة والواقع ينكران أن يقوم حجاز يفصل بين قليل الخمر وكثيره، لتقع جريمة السكر أو لا تقع.. فقد يسكر بعض الناس بهذا القليل، ولا يسكر آخرون بأضعافه.. ثم من ذا الذي يضمن نفسه إذا ألقى فى جوفه بقليل الخمر، الذي لا يسكر به، ألّا تمتد يده إلى غير هذا القليل حتى يسكر؟ وإذا استطاع هذا الإنسان أن يردّ نفسه مرة ومئة مرة عن أن يتجاوز حد الإسكار، فهل من الممكن أن يطول به الوقوف عند هذا الحدّ إلى غير حدّ؟ وإذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015