«سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى» (1: الأعلى) وقوله سبحانه: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى» (14- 15: الأعلى) وقوله جل شأنه:
«فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ» (52: الحاقة) .
وعلى هذا، فإن المراد- والله أعلم- من ذكر اسم الله فى الأيام المعلومات، هو ذكره ذكرا عاما مطلقا بكل اسم من أسمائه جلّ وعلا.. ثم ذكر اسمه ذكرا خاصّا على بهيمة الأنعام عند ذبحها.
وشبهة أخرى ربما وردت على تفكير بعض المفسّرين الذين خصصوا ذكر اسم الله فى الأيام المعلومات، وقصروه على بهيمة الأنعام المسوقة هديا للبيت الحرام.. وتلك الشبهة هى تعدّى فعل الذكر بحرف الجرّ «على» فى قوله تعالى: «وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ» ..
فإن تعدّى هذا الفعل بحرف الاستعلاء «على» قد يكون قرينة عندهم على أن ذكر اسم الله هنا إنما يقع على بهيمة الأنعام، ولو كان ذكرا عاما لما تعدّى الفعل بحرف الجرّ هذا، الذي يشير إشارة واضحة إلى الشيء المراد ذكر اسم الله عليه.
وجوابنا على هذا، أن تعدية فعل الذكر بحرف الجرّ «على» لا يقضى بأن يكون الحرف للاستعلاء، وأن يكون الاستعلاء واقعا على بهيمة الأنعام، وإنما الذي يقتضيه المقام هنا، هو أن يكون حرف «الجرّ» السببية لا للاستعلاء، كما فى قوله تعالى: «وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ» (185: البقرة) أي بسبب هدايته لكم، وتوجيه قلوبكم وعقولكم إلى الإيمان به..
وعلى هذا يكون معنى قوله تعالى: «وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ» أي يذكروا اسم الله بسبب ما رزقهم من بهيمة الأنعام، وذللها لهم، وأحلّ لهم لحومها.