ثالثا: إشعار المتصدق عليه أنه بسؤاله واستجدائه ومدّ يده إلى الغير، إنما يأتى عملا شائنا، ومن الحكمة أن يفعله الإنسان- إذا اضطر إليه- فى ستر وخفاء، وفى هذا تحريض له على التحول من هذا الموقف، والتماس وجه للعمل، حتى بكفّ يده عن السؤال!.
وكذلك الشأن فى الزكاة حين يضعها المزكّى فى يد مستحقيها.. فإنه من خير أن تحمل إليهم فى ستر وخفاء.. أما إذا كانت تقدم لجهة برّ عامة، أو ليد ولىّ الأمر فإن إبداءها خير من إخفائها، لما فى ذلك من تحريض للغير على أدائها.
وفى قوله تعالى: «إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ» بيان لفضل الإحسان ومنزلته عند الله، وأنه مقبول على أي حال، سواء كان فى سر أو فى جهر، ما دامت النيّة الخالصة من ورائه، غير متبوع بمن ولا أذى!.
لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (272)
التفسير: بعد أن دعا الله سبحانه وتعالى إلى الإنفاق فى سبيل الله، وبيّن وجوه هذا الإنفاق وأسلوبه، والعوارض التي تعرض له، وما ينبغى على العاقل من تجنبها، حتى يكون هذا الإحسان مقبولا عند الله- بعد أن بين سبحانه وتعالى كل هذا أوضح بيان، لم يبق إلا أن ينظر الإنسان لنفسه، وأن يتخيّر طريقه، فاما أن يستمع إلى ما أمر الله به ويسير عليه، فيسلم