والأذى بالمغفرة، حتى إنهم ليخرجونه من البلد الحرام، ويزعجونه من بيته وأهله.. ثم يجمعون جموعهم فى جيش لجب، يريدون أن يدخلوا عليه المدينة موطنه الذي هاجر إليه، فيلقاهم النبىّ بهذا العدد القليل من أصحابه فى بدر، فتكون الدائرة عليهم، وينصر الله النبىّ وأصحابه نصرا عزيزا.. ثم لا يأخذ القوم من هذا آية، ولا يتلقون منها عبرة وعظة، بل يعاودون الكرة فى العام التالي، ويجيئون إلى المدينة طالبين الثأر لبدر، وقد حشدوا للمعركة، ما يملكون من قوة.. ويلتقى بهم النبي وأصحابه من المهاجرين والأنصار فى أحد.. وينتصر المسلمون أولا، ثم يهزمون، ويصاب النبىّ ويسيل دمه، وتنكسر رباعيته، ويقتل نفر كرام من أهله وأصحابه، ومنهم عمّه حمزة، ويرفع رسول الله بصره إلى السماء، وفى قلبه أسى وحسرة، وكأنه يهمّ أن يسأل ربّه أن يأخذ له من هؤلاء المعتدين الآثمين.. ولكن تغلبه عاطفة المودة والرحمة، وإذا هذه الكلمات الحانية الودود تدفع من طريقها تلك الكلمات الثائرة الغضبى، وإذا شفتاه المباركتان، الطيبتان، المحسنتان، تردّدان فى ضراعة ضارعة: «اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون» ..
فيا رسول الله، ويا خير خلقه، ويا صفوة أنبيائه، ويا خاتم رسله.. عليك صلوات الله وسلامه عليه ورحمته وبركاته..
ويا رسول الله، ويا رحمته المهداة للعالمين. عليك صلوات الله وملائكته والمؤمنين «إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ.. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً» .