وثانيا: أن الله سبحانه وتعالى أضاف هذا النقص للأرض من أطرافها- أضافه إليه، سبحانه..
وثالثا: أن المقام مقام تهديد للمشركين، بهلاكهم، وتبديل أحوالهم..
إن لم يكن ذلك ببلاء عاجل يأخذهم الله به، كان ذلك بحكم الزّمن وبسنن الله الكونية التي أجراها على الناس.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ» (4: ق) .
ورابعا: السورة كلها مكية، ولا معنى لأن يقال إن هذه الآية وحدها هى الآية المدنية فيها، حيث أن سياق النظم يجعلها قطعة من هذه السورة، مرتبطة ارتباطا وثيقا بما بعدها وما قبلها.
قوله تعالى:
«قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ» .
هو تنبيه لهؤلاء المشركين الغافلين، الذين إذا ذكروا بآيات ربّهم أعرضوا عنها، ولم يلتفتوا إلى ما يدعون إليه من هدى وخير.. وقد أمر الله سبحانه وتعالى النبىّ الكريم أن ينخسهم بهذا الأسلوب الزاجر، وأن يقرعهم بتلك المقرعة الموجعة، حتى تتأثر لذلك قلوبهم القاسية، وتستشعر به مشاعرهم المتبلّده، وطباعهم الجافية الغليظة..
فهم يعرفون أن ما ينذرهم به النبىّ، هو وحي يوحى إليه من ربّه.. إذ هكذا يقول لهم، وهم لهذا يكذبونه، ويستكثرون عليه أن يكون على صلة بالسماء..
- وفى قوله تعالى: «أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ» - مع أن الأمر قائم بينهم وبين النبىّ على أن ما ينذرهم به هو الوحى- فى هذا التصريح بأن ما ينذرهم به هو الوحى تشنيع عليهم، وعلى الغفلة المطبقة عليهم، وعلى الظلام الكثيف المخيم على