إلى أكثر من ضرورات الحياة.. الحياة الإنسانية، التي يعتبر الشرّ فيها عنصرا من العناصر العاملة فى دفع عجلة الحياة، ودوران دولاب العمل فيها..
يقول الجاحظ: «اعلم أن المصلحة فى ابتداء أمر الدنيا إلى انقضاء مدّتها، والكثرة بالقلّة.. ولو كان الشرّ صرفا، لهلك الخلق، أو كان الخير محضا لسقطت المحنة، وتعطلت أسباب الفكرة..
ومع عدم الفكرة يكون عدم الحكمة، ومتى ذهب التخيير، ذهب التمييز، ولم يكن للعالم تثبت وتوقف وتعلم، ولم يكن علم، ولا يعرف باب التدبير، ولا دفع المضرّة، ولا اختلاف المنفعة، ولا صبر على مكروه، ولا شكر على محبوب، ولا تفاضل فى جانب، ولا تنافس فى درجة، وبطلت فرحة الظفر، وعزّة الغلبة.. ولم يكن على ظهرها (أي الدنيا) محقّ يجد عزّ الحقّ، ومبطل يجد ذلّ الباطل، وموفّق يجد برد اليقين.. ولم يكن للنفوس آمال، ولم تتشعّبها الأطماع (?) » .
فالجاحظ هنا يكشف عن الدور، الذي يؤديه التفاوت بين الأمور، فى امتداد مجال التنافس بين الناس..
إن الاختلاف بين الأشياء فى مجال الخير والشرّ، هو الذي يملأ كل فراغ فى الحياة، ويفسح لكل إنسان مكانا فى قافلة الحياة، حسب استعداده، ونزعانه.. وهكذا تتحرك الحياة كلها، فى آفاقها الصاعدة والنازلة، على السواء!.
والذي ينظر إلى الحياة نظرة فردية جانبية، يرى هذا التفاوت بين الناس