أما هذا، فهو الذي يدور حوله الخلاف، ويكثر فيه الجدل..

وقد تجنب الإسلام- منذ قام- إيقاظ هذه الفتنة، فلم يطرق بابها من أية جهة، ولم يشر إليها من قريب أو بعيد.. والحكمة فى هذا ظاهرة..

إذ لا جدوى من أن يقيم الإسلام لوجود الشرّ علة أو عللا.. إنه موجود..

وكفى.. «وحسبك من شرّ سماعه» ! .. والحزم كل الحزم فى توقّيه، ودفعه، والخلاص منه..

إنه لمن السفاهة الغليظة، والخسران المبين، أن يرى الإنسان حيوانا يريد أن ينقضّ عليه ويفترسه، ثم لا يطلب النجاة لنفسه، بل يستغرق فى تأملات سخيفة ليجيب على هذا السؤال: ما هذا الحيوان المؤذى؟ ولم كان؟

لم يرد الإسلام أن يسوق أتباعه إلى هذه المواقف الخاسرة.. بل صرفهم عنها صرفا، وخلّى بينهم وبين الحياة بخيرها وشرها بعد أن أراهم منازل الخير وثمراته، وأطمعهم فيه، ودعاهم إليه، ثم أراهم مزالق الشرّ، ومغباته، وخوّفهم منه، وتوعدهم على الاتصال به..

أليس ذلك هو النهج القاصد، والطريق المستقيم فى تقديم الأخلاق وتربية النفوس؟

لقد كان ذلك هو طريق الإسلام، وكان ذلك هو موقفه حيال هذه القضية.. لم يوقد نارها، ولم يلق لها وقودا..

ولكن حين اتصل المسلمون بالأمم المجاورة، وعرفوا شيئا من فلسفة اليونان والهند، وشيئا من معتقدات الفرس، تحركت فى نفوسهم هذه الفتنة «الخالدة» ..لماذا وجد الشر؟

وقد فتحت الإجابة على هذا السؤال باب فتنة، أخذ يتسع شيئا فشيئا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015