بِرَبِّي أَحَداً»

.. ولكن أنّى له أن يصلح ما أفسد؟ لقد فات وقت الندم..

وهل نفعه بكاؤه، وأغنت عنه حسرته فى الدنيا، حين أخذ الله جنّته، وأرسل عليها حسبانا من السماء، فأصبحت خاوية على عروشها؟ إن يكن ذلك قد ردّ عليه ما فات، فقوله يوم القيامة: «يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً» قد يكون له أثر فى إصلاح ما أفسد.. وأما وقد هلكت جنته إلى غير رجعة، فإنه هو أيضا هنا فى الهالكين المعذبين فى النار، من غير أمل فى الخروج مما هو فيه.

ولو كان قوله: «يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً» .. لو كان هذا قولا قاله فى دنياه- كما يقول بذلك بعض المفسّرين- لكان له فى هذا القول رجعة إلى الله، ولا نتقل به من الكفر إلى الإيمان، فإنه لا زال فى دار عمل.

وقوله تعالى: «وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً» .. هو تعقيب على موقف هذا الكافر الذي لجّ به كفره..

فأخذه الله نكال الآخرة والأولى.. أما فى الأولى فقد أهلك جنته أمام عينيه وبين أهله وقومه، وأما فى الآخرة: فهو إلى مصير أسوأ من هذا المصير الذي أحرق كبده، وأذلّ كبرياءه.. وليس له هنا أو هناك من فئة ينصرونه، ويحولون بينه وبين أمر الله فيه.. «وَما كانَ مُنْتَصِراً» هو بذاته وبما كان يجده فى كيانه من عزة وقوة..

وقوله تعالى: «هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً» .

«هنالك» : الإشارة هنا إلى يوم القيامة، وإلى كل موقف يكون بين الحق والباطل.

والولاية: النصرة، والتأييد، والعون..

والمعنى: أنه فى يوم القيامة، حيث يشتد البلاء، ويعظم الكرب،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015