يا أَبانا ما نَبْغِي هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا وَنَمِيرُ أَهْلَنا وَنَحْفَظُ أَخانا وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ» .

لقد كان الحديث الذي جرى بينهم وبين أبيهم أول شىء استقبلوه به، وذلك لأن العيون كانت متطلعة إلى ما يحملون معهم من زاد وميرة.. فكان جوابهم لهذه العيون المتطلعة قولهم: «مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ» ! ثم كان جوابهم عن التساؤلات الكثيرة حول أسباب هذا المنع، قولهم: «فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ» .. ثم كان قولهم: «وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ» تزكية لهذا الطلب.

ثم بعد هذا نظروا فى أمتعتهم التي معهم، فوجدوا أن البضاعة التي كانوا قد حملوها معهم إلى مصر، والتي اعتقدوا أنها قد أصبحت فى يد العزيز، مقابل الكيل الذي كاله لهم- وجدوا أن هذه البضاعة قد ردّت إليهم: «وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ» - فعجبوا لهذا، وحسبوا أن فى الأمر خطأ، أو أن العزيز ربّما بدا له ألا يأخذ منهم ثمنا لهذا الكيل الذي كاله لهم، انتظارا لعودتهم إليه فى المرة الثانية..

- «قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي» أي ماذا نريد؟ هذه بضاعتنا ردّت إلينا، فماذا نفعل بها؟ وكيف نصبر على ما نحن عليه من حاجة إلى الطعام؟ إنها بضاعة قد أعددناها لنشترى بها طعاما، وها هى ذى لا تزال فى أيدينا، وإنه لا سبيل إلى الانتفاع بها إلا إذا عدنا بها إلى مصر مرة أخرى، وجلبنا بها الطعام الذي نريد.!

وفى قولهم: «وَنَمِيرُ أَهْلَنا وَنَحْفَظُ أَخانا وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ» الواو هنا للعطف على محذوف تقديره.. إذ كان ذلك كذلك، نعود إلى مصر ونمير أهلنا، أي نتزوّد لهم بالميرة، وهى الطعام، ونحفظ أخانا الذي سنأخذه معنا، والذي بغيره لا يكال لنا، ونزداد به كيل بعير، إذ سيكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015