«وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ» أي أن أهل هذه القرى، الذين أهلكهم الله، لم يكن إهلاكهم بظلم من الله لهم، ولكن هم الذين ظلموا أنفسهم، بحجزها عن الخير، وسوقها إلى هذا البلاء الذي أخذهم الله به..
«فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ» .. أي أن آلهتهم، لم تردّ عنهم بأس الله إذ جاءهم، ولم تمدّ إليهم يدا تستنقذهم من هذا البلاء الذي هم فيه.
«وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ» أي أن هذه الآلهة التي عبدوها من دون الله لم تزدهم إلا خسرانا إلى خسران، وعذابا إلى عذاب، وحسرة إلى حسرة، وذلك حين ينادونهم فلا يسمعون لهم، ويستصرخونهم، فلا يخفّون إليهم..
وهنا يرون أنهم كانوا مخدوعين بهم، وأن تلك الآلهة هى التي خدعتهم وأضلتهم.. حتى إذا جدّ الجدّ تبرءوا منهم، وضلّوا عنهم.. وهذا ما يشير إليه سبحانه وتعالى فى قوله: «وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا.. كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ» (167: البقرة) .. والتتبيب، والتباب: الخسران، والبلاء.
«وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ» أي مثل هذا الأخذ بالهلاك والعذاب، يأخذ الله القرى الظالمة.. وفى هذا تهديد للمشركين من قريش، وتلويح لهم ولقريتهم، بهذا المصير الذي صارت إليه القرى الظالمة وأهلها..
«إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ.. ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ، وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ» .. الإشارة هنا إلى هذه الأحداث التي مرت بتلك