مِنَ اللَّيْلِ.. وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ.. إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ.. إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ.. أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ» .
لقد كشف الرسل عن أنفسهم للوط، فعرف، من هم؟ وما الأمر الذي جاءوا له؟ إنهم رسل الله، وقد جاءوا إليه بالمهلكات لقومه، وليخرجوه من بين هؤلاء القوم، حتى لا يقع عليه مكروه من البلاء الذي سيحلّ بهم.
- «إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ» وإذ كنّا كذلك، فإنهم «لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ» ولن يستطيعوا أن يخلصوا إلينا، وينتزعونا من يدك..
- «فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ» ..
سرى، وأسرى، أي سار ليلا.. والقطع من الليل، هى البقية منه، قبيل دخول النهار.
والأمر الذي توجه به الملائكة إلى لوط، هو أن يخرج بأهله فى بقية من الليل، أي قبل أن يطلع الصباح، وألا يلتفت هو ومن معه إلى الوراء، حيث القرية التي خلفوها وراء ظهورهم..
وفى النهى عن الالتفات إلى تلك القرية ومن فيها، إشارة إلى أنها دار إثم، ومباءة فسق، ينبغى أن يقطع المؤمن كل مشاعره نحوها، فلا يتبعها بصره، ولا يلقى عليها نظرة وداع.. وهكذا ينبغى أن يكون شأن المؤمن مع كل منكر..
أن يعتزله، ويعتزل مواطنه، والمتعاملين به.. فلا يحوم حوله، ولا يمرّ بداره، ولا يتصل بأهله.. فإن المنكر مرض خبيث، يعلق داؤه بكل من يدنو منه..
أو يتنفس فى الجو الذي تفوح عفونته فيه! .. ولهذا فقد أمر النبىّ صلى الله عليه وسلم المسلمين حين مرّوا بديار ثمود، وهم فى طريقهم إلى تبوك- أمرهم