وفى قوله تعالى: «وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ» إشارة إلى تمكن علم الله، وإحاطته بالموجودات، وأنه يعلمها علم تفصيل لا علم إجمال وحسب، فيعلم الكائنات، فردا فردا، مستقرها فى أصلاب آبائها، ويعلم مستودعها فى أرحام أمهاتها.. فهى قبل أن تكون كائنا فى هذا الوجود، ودابة من دواب هذه الأرض، كان علم الله قائما عليها، وعنايته موكّلة بها، حتى إذا أودعها رحم الأم ظهر الأرض، كان على الله رزقها وكفالتها.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ» (98: الأنعام) .
قوله تعالى: «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ» .
هو استعراض أيضا لبعض مظاهر قدرة الله.. فهو- سبحانه- الذي خلق السموات والأرض فى ستة أيام.
وقد أشرنا من قبل إلى أن هذا الزمن الذي خلقت فيه السموات والأرض، إنما هو الوعاء الزمنى، الذي يتمّ فيه خلق هذين الكائنين واستواء خلقهما، ونضجه، شأنهما فى هذا شأن أي مخلوق..
فكما يتم خلق الجنين الإنسانى- مثلا- فى تسعة أشهر، تمّ خلق السموات والأرض فى ستة أيام.. فالسموات والأرض أشبه بالكائنات الحية فى الخلق، كان لهما عند الله سبحانه أجل استوفيا فيه خلقهما.
أما القول بأن الله سبحانه قد شغل بخلق السموات والأرض ستة أيام، ثم استراح فى اليوم السابع، فهو مما تحدّثت به التوراة التي عبث بها بنو إسرائيل..