«وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ» ..
والدابة كل مادب على الأرض من كائنات حيّة.. من الحشرات والهوامّ..
إلى الإنسان.. واختصاص دوابّ الأرض بالذكر، لأنها هى التي تشاركنا الحياة على هذه الأرض، وهى التي تقع لحواسنا ومدركاتنا. وهى التي تحتاج إلى ما يمسك عليها حياتها، من طعام وشراب، ومأوى.. ونحو هذا..
فكل ما على الأرض من كائنات، ومنها الإنسان- مكفول له رزقه من الله.. فهو- سبحانه- الذي خلقه، وهو- سبحانه- الذي يقدر رزقه، ويسوقه إليه من فضله وكرمه..
- وفى قوله تعالى: «إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها» إشارة إلى أن الله- سبحانه- قد أوجب ذلك على نفسه، حتى لكأن كل حى له عند الله- سبحانه وتعالى- حق يطالب به.. وذلك من كرم الكريم، ورحمة الرحيم..
وإذا كان فى الناس من يوجب على نفسه ما لا يجب من أفعال الخير، كما يقول الشاعر:
على مكثريهم رزق من يعتريهم ... وعند المقلّين السماحة والبذل
- نقول إذا كان فى الناس من يوجب على نفسه ما لا يجب، من فضل وإحسان، فكيف برب الناس، ملك الناس، إله الناس.. من لا تنفذ خزائنه، ولا تنقص بكثرة العطاء نعمه؟ وكيف بمن خلق هذه الأحياء.. ألا يضمن حياتها، ويمسك وجودها؟ إن الخلق لا تظهر حكمته، ولا تتجلى آثاره، إلا إذا قام معه ما يضمن بقاءه، ويحفظ الحياة التي أودعها الخالق فيه، وإلا كانت عملية الخلق عبثا، يتنزه الله سبحانه وتعالى عنه..