وتهديد لهم، إذ كانوا على أمر محظور منهىّ عنه، يتعرض مقترفه للنقمة والبلاء..
قوله تعالى: «وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ» هو تعريض أيضا بالمشركين، وتهديد لهم، وأنهم يعبدون من دون الله مالا ينفعهم ولا يضرّهم، وأنهم بهذا قد ظلموا أنفسهم، وباعوها فى سوق الضلال، بهذا النّقد الزائف، الذي لا قيمة له إذا عرض فى سوق الحق! وفى خطاب النبىّ صلوات الله وسلامه عليه بهذا النهى، تغليظ لشناعة المنهىّ عنه، وتهويل للخطر الذي يتهدد الناس منه، وأن على كل إنسان أن يوقظ وجوده كله، حتى لا يقع فى هذا المحذور أو يدنو منه.. وكفى أن يكون المنهي عنه هو الشرك بالله، وكفى أن ينبّه النبىّ الكريم إلى هذا الخطر، وهو أعلم الناس به، وأبعدهم عنه.
قوله تعالى: «وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» .
إن الذي يعبده المشركون من آلهة، هو سراب خادع، ووهم باطل.. إنها لا تملك ضرّا ولا نفعا.. وإن الذي يملك الضّرّ والنفع هو الله سبحانه وتعالى وحده، لا شريك له فى هذا الوجود، ولا فيما يجرى على هذا الوجود من أمور فإذا مسّ الإنسان ضرّ- أىّ ضر- فلا يكشف هذا الضرّ عنه إلا الله..
وإن أصاب الإنسان خير- أي خير- فهو مما أراده الله، وقدّره، وأجراه له..
لا يستطيع أحد فى هذا الوجود أن يردّه، أو ينقص منه، أو يؤخر وقته المقدور فى علم الله..
وفى توجيه الخطاب إلى النبىّ بهذا الحكم الذي قضى الله به فى عباده، ما يشعر بأن النبىّ- وهو من هو عند الله، قربا وحبّا- خاضع لهذا القضاء..