من المؤمنين.. فهو من المؤمنين، لأنه مؤمن بهذا الدّين الذي أمر أن يدين به، وهم غير مؤمنين، لأنهم لا يدينون بدين الله..

قوله تعالى: «وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» .

«الواو» هنا فى قوله تعالى: «وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ» هى واو العطف، على تقدير أن الخبر قبلها وهو قوله تعالى: «وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» هو فى معنى الأمر، أي تلقيت هذا الأمر، بأن قيل لى: كن من المؤمنين، «وأن أقم وجهك للدين حنيفا، ولا تكونن من المشركين» فجعل قول الله سبحانه وتعالى له- صلوات الله وسلامه عليه- أمرا لازما لا انفكاك له منه، وهذا أبلغ فى الدلالة على الامتثال والطاعة والولاء..

وإقامة الوجه على الأمر: فى قوله تعالى: «وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً» كناية عن الاشتغال به وحده، دون التفات إلى سواه.. ومنه قوله تعالى:

«يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ» (9: يوسف) .. وذلك أن الوجه إذ يستقيم على طريق، فإنه لا يلتفت إلى طرق أخرى.. فإقامة الوجه على الدّين: توجيه الوجه إليه كله، دون أن يخطف خطفة بصر إلى غيره..

والحنيف: هو المائل عن طريق إلى طريق.. والمستقيم على دين الله، قد مال باستقامته تلك عن كل طريق، وأخذ طريق الله طريقا..

وفى التعبير بلفظ «الحنيف» بمعنى المائل عن الضلال إلى الحق، إشارة إلى أن أكثر الطرق هى طرق الضلال، وأكثر الناس هم الضالون، القائمون على هذه الطرق.. وخروج إنسان من الناس عن هذه الطرق، وميله عن الجماعات التي تسلكها، هو أمر يحتاج إلى مكابدة وعناء، كما أنه أمر ملفت للنظر، جدير بالتنويه.. فهو أشبه بالخروج على الإجماع! - وفى قوله تعالى: «وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» تعريض بالمشركين،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015