عندها، وقد لا يلتقون، ولكنهم جميعا ينشدونها، ويباركون من يدلّهم عليها، ويحمدون له اجتهاده وسبقه..

وقد اختلف صحابة رسول الله فيما بينهم على كثير من المسائل.. ولكن هذا الاختلاف، كان تمحيصا للرأى، وطلبا للحق، وبلوغا بالقلب والعقل إلى مقام اليقين والاطمئنان..

فهذا هو العلم الذي يدعو إليه الإسلام، ويبارك على أهله، ويفتح لأبصارهم وبصائرهم صفحات الكون كله، ينظرون فيها نظرا مطلقا غير مقيد بقيد.. وغاية ما يطلبه الإسلام من العالم هنا، هو أن يطوّف ما يطوف فى آفاق العلم، ومعه إيمانه وتقواه.. ثم يعود آخر المطاف، ومعه إيمانه وتقواه.

- وفى قوله تعالى: «إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ» - إشارة إلى أن هذا الخلاف الذي وقع بينهم، سواء كان عن طلب حقّ وهدى، أو كان جريا وراء هوى ومكر بالناس، فإن الله يعلم المحقّ من المبطل، وسيجزى كلّا بما انعقدت عليه نيته..

قوله تعالى: «فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ.. لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ» .

لم يكن الرسول صلوات الله وسلامه عليه فى شكّ مما أنزل عليه من ربه، ولم يكن يطوف به أي طائف من الشكّ أو الامتراء، أو التكذيب.. وكيف وهو يرى ملكوت السماء عيانا؟ وكيف وقد ثبّت الله قلبه، وأخلاه من كل وسواس؟. وهل يشك صاحب الرسالة فى رسالة تلقّاها من ربه، وأقرأه إياها ملك كريم من ملائكته.. يغدو ويروح إليه أياما، وشهورا، وسنين، وكيف يكون منه أثارة من شك أو تكذيب؟ وهو الذي احتمل فى سبيل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015