وذلك بعد أن أنكر عليه هذا القول بقوله: «أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ؟ ..»
وقدم إنكار السحر على الإشارة إليه، لأن المطلوب أولا هو إنكار أن يكون هذا الذي جاء به موسى سحرا.. فهو ينفى السحر أصلا، أن يكون قد وقع فى هذا الموقف الذي كان بين موسى وفرعون، حين طلع عليه بآيات الله.. ثم يحدد بالإشارة هذا الشيء الذي ينفى عنه السحر، وهو آيات الله تلك.. فيقول له: «أَسِحْرٌ هذا؟» ، ولا يقول: أهذا سحر؟ لأن موسى ليس ساحرا، ولا يأتى بسحر أبدا، سواء أكان هذا الذي يشهده منه فرعون الآن أو غير الآن..
- وفى قوله تعالى: «وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ» هو حال من اسم الإشارة المشار به إلى آيات الله.. والمعنى أتقولون عن آيات الله هذه، إنها سحر، وأهل السحر لا يفلحون أبدا..
وفى هذا إشارة إلى أن موسى من المفلحين بما فى يديه من آيات الله، وأنه ينذر فرعون بأنه سيغلب ويهزم، إن هو تصدى لآيات الله تلك.
«قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ» .
ولا يجيب فرعون على تساؤل موسى وإنكاره لقوله الذي قاله فى آيات الله.. بل يشغب هو والملأ حوله على موسى، ويصيحون فى وجهه: «أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا؟» .. وتلك هى علة الجاهلين، وداء السفهاء والحمقى.. التمسك بالقديم، وعقد القلوب عليه، وإن كان بلاء وشرا..
لأنهم أعفوا عقولهم من النظر والتفكير، ورضوا بما استقر فيها من كل غث وزيف..